تناولنا في مقال سابق المواقف الغريبة والعجيبة والاستعراضية والمريبة ، لقادة بعض الكتل والاحزاب السنية في العراق ، ازاء الهجوم الارهابي الذي تعرض له المصلين في مسجد مصعب بن عمير في محافظة ديالى ، وكيف اتهموا شركاءهم الشيعة في العملية السياسية ، بانهم وراء الحادث ، وانسحبوا من مفاوضات تشكيل الحكومة ، وهدد بعضهم بالانتقام.
يبدو ان الانتقام جاء سريعا على يد "داعش" ، فقد شهدت بغداد ومحافظات شيعية اخرى ، خلال اليومين الماضيين ، العديد من التفجيرات الارهابية اسفرت عن استشهاد العشرات وجرح المئات من الشيعة العزل ، في خرق امني فاضح ، كشف ان لاشيء يفصل بين الارهابيين وبين تنفيذ عملياتهم الاجرامية ، كما اكد هشاشة الوضع الامني ، الذي يعتبر انعكاسا للوضع السياسي المهلهل ، الذي يعيشه العراق بسبب نظام المحاصصة الطائفية التي فرضها المحتل.
كنا نتمنى على بعض قادة الكتل والاحزاب السنية التي قامت الدنيا ولم تقعدها بسبب جريمة مسجد ديالى ، ان يهتز بعض عروق الغيرة العراقية في داخلهم ، على الدماء العراقية التي سالت في بغداد وكربلاء وغيرها على يد "داعش" و عصابات البعث ، وان يعلنوا انسحابهم من مفاوضات تشكيل الحكومة احتجاجا على جرائم "داعش" ، ويدعون الاعلام العربي
وخاصة الخليجي الى نصرة اخوانهم شيعة العراق ، كما جند هذا الاعلام كل امكانياته لنصرة ضحايا مسجد مصعب بن عمير ، رغم ان الجريمة مازالت قيد التحقيق ولم يتم بعد كشف ملابساتها حتى الان.
كنا نود من الاحزاب والتنظيمات والكتل الشيعية ان تتعامل ولو لمرة واحدة ، كما تعامل بعض اخوانهم السنة ، مع التفجيرات التي تحصد ارواح الشيعة كل يوم ومنذ عشرة اعوام ، حتى ضاقت بجثامينهم اكبر مقبرة في العالم اجمع ، وهي مقبرة وادي السلام في النجف الاشرف ،وان تهدد بوقف مفاوضات تشكيل الحكومة ، او حتى الانسحاب من العملية السياسية ، احتجاجا على عملية الذبح المتواصلة ليل نهار لشيعة العراق .
الحقيقة لا يملك المرء الا ان يقف مذهولا امام كل هذا النفاق واللامبالاة من قبل مختلف التنظيمات والاحزاب والشخصيات السياسية العراقية سنية كانت ام شيعية ، ازاء شلال الدم الشيعي الذي لا يتوقف ، وكأنه كتب على اتباع هذه الطائفة ان يكونوا اكبر ضحايا الانظمة التي حكمت العراق منذ استشهاد امير المؤمنين الامام علي بن ابي طالب عليه السلام وحتى يومنا هذا.
ترى ماذا كان سيكون حال العراق والمنطقة لو كان ضحايا مجزرة معسكر سبايكر ليسوا من الشيعة ؟ماذا سيكون حال العراق لو كان واحد بالمائة من عدد السيارات المفخخة التي انفجرت بالعراقيين الشيعة ،انفجرت بالسنة ؟، عندها كانت الجامعة العربية تلتئم في ساعات وتطبق ولو لمرة يتيمة ، على العراقيين، بند الدفاع المشترك ، وتدعو مجلس الامن للانعقاد فورا للتدخل في العراق، وان الشارع العربي السني كان سيغلي على دم اهل السنة المسفوح على يد "الروافض"!!.
اذا كان من الصعب ، على القيادات الشيعية بمختلف توجهاتها السياسية ، ان تقلد اداء بعض القيادات السنية ، في ضرب العملية السياسية متى شاءت ولاي سبب كان ، والظهور بمظهر الضحية دائما ، عليها ان تقوم على الاقل انتصارا لهذه الدماء البريئة التي تراق في مختلف مدن العراق ، عبر الاعتصامات والاحتجاجات بهدف الكشف عن الاسباب الحقيقية وراء الاختراقات الامنية الخطيرة التي تحدث ليل نهار في العراق ، وضحيتها مئات بل الالاف من الشيعة في كل شهر.
ليس المطلوب من قادة الشيعة اليوم الحصول على الحقوق الضائعة للشيعة ، فهذه امنية صعبة المنال ، انما المطلوب منهم اليوم ، هو الحفاظ على ارواح الشيعة فقط لاغير ، من خلال وقفة موحدة تُفهم الجانب الاخر ، ان الطريق الملتوية التي يسلكها لن تؤدي الى الاهداف التي يصبو اليها ، وعلى الجميع ان يوقف هذا الانهيار الامني عبر قطع دابر المندسين من البعثيين والطائفيين في الاجهزة الامنية ، والا فان بمقدور الشيعة ان يقلبوا الطاولة وما عليها.
بقلم: نبيل لطيف
النهایة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق